.png)
غرفة مظلمة، طاولة ، ورقة بيضاء وقلم ، كوب ماء و علبة مسكنات… تجلس تلك الحزينة منكسرة الجناح ، تمسك القلم بين أناملها المرتعشة و تشرع في الكتابة :
"الحياة لم تكن منصفة معي… منحتني كل شيء و بلحظة لم أعد أملك شيء…
حبيبي ، زوجي ،أبي ،أخي كل أسرتي كنت أراها ماثلة فيك رجلي الأسمر...لا أنكر من أنك لم تكن رومانسيا و لا حنونا… لا تعبر لي عن حبك بالكلمات لكن تعاملك الطيب معي ،خوفك و غيرتك علي كانا خير دليل على حبك لي…
فبعد وفاة والدي رحمهما الله… بدأت مشواري القاسي بهذه الحياة و كنت يا رجلي الأسمر بمثابة ملاكي الحارس ، المنقذ الذي بعثه الباري لي… كنت طوق نجاتي وكل حياتي…
مرت ثلاتة أيام الآن لم أبرح هذه الغرفة اللعينة… و لم أسمح حتى لأشعة الشمس بالتسلل إليها… فأنت شمسي التي انقطعت عن زيارتي منذ مدة طويلة…
لا زالت كلماتك تتراقص بذاكرتي حينما قبلت رأسي و عانقتني ليلة زفافك قائلا بأسى :" أحبك.. لا تحزني فأنت قوية… لقد كان قرارك " ...فعلا كان قراري لكنك وعدت بالعدل … يوم خطبتك قلت لتلك العروس الجميلة :"عزيزتي ما شاء الله ما أحلاك و ما أحلى ابتسامتك.. زوجي رجل طيب وستكونين ملكتنا إن أنجبت له الأطفال ستكونين تاجا على رؤوسنا بارك الله لكما بهذا الزواج.. " لن أنسى نظرات الحضور كيف لإمرأة أن تخطب لزوجها و تثني عليه لعروسه الجديدة من أين لها هذا الجبروت من أين لها هذه القوة…
لقد كان قراري… أن أضعك بين أحضان أخرى كي تحظى بنعمة الأبوة ليس لي الحق بحرمانك سماع كلمة بابا و أن ترى أطفالك يترعرعون بكنفك…
فأنا عقيم… لم أعد أحتمل نظرات أمك لي و كأنني مجرمة تحرمها الأحفاد و لا كلمات أختك القاسية… ولا نظرات أبيك التي تملأها الشفقة…
ذهبت لخطبتها نعم و أنا من اخترتها… جميلة و شابة بعيون براقة و روح تملأها الحياة…
هي لا تشبهني… فسندها أسرتها بينما أنا كنت كل ما أملك بهذه الدنيا كنت طفلي المدلل أميري و تاجا على رأسي …
و ها أنا فقدتك… ليس لهذا البيت معنى بدونك… و لا لهذه الوسادة التي ترافقني طيلة هذه المدة معنى من دونك … اختفت رائحتك و حسك من هذا البيت…
لكني أعلم جيدا فهي حامل بمولودها الأول هو طفلكما ثمرة حبكما و لا مكان لي في هذه الصورة الجميلة…
أصبحت تزورني من باب الشفقة لأنك تعطف علي… فقد أصبحت عبء ثقيلا عليك…
أتذكر يوم اجتمعنا بمنزل العائلة كنت بالمطبخ أساعد أختك بتحضير الطعام… و ها أنتما تقتربان كعصفوري حب كان الفرح يملأ عينيك الحلوتين و ضحكتك الفاتنة التي أعشقها كان هناك شيء متغير بتعابير وجهك… بتصرفاتك معها كنت رومنسيا ، حنونا ، ممسكا يدها و تداعبها…
حبست دمعتي… لا أنكر أن نار الغيرة أحرقتي لكني كنت مسرورة لأنك وجدت السعادة أخيرا…
أتمنى أن يولد طفلك بصحة جيدة… عندما ستقرأ رسالتي هذه سأكون قد غادرت إلى دار البقاء أعلم من أنه ذنب عظيم لا يغتفر… لكني تعبت ولم أعد قادرة على التحمل …
متعبة حد النخاع و حان الوقت كي أنسحب من مسرح الحياة السخيف فقد انتهى دوري عزيزي…
فقد حان موعد لقاء الأحبة بمكان ما… اشتقت لماما ولبابا.. سأتركك يا سندي تنعم بحياة هنيئة مع طفلك و زوجتك الحلوة التي اخترتها لك… كنت دقيقة كما تعلم فقد اعتمدت علي في أصعب الاختيارات لأني مررت بأصعب الإختبارات …
لقد كان قراري …
وداعا يا حياتي وكل أحلامي… "
انتهت من كتابة رسالتها بدموع جافة و قلب مكسور تناولت علبة مسكنات و عانقت وسادتها ثم غادرت العالم بسلام… .





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق